الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة عفوا، صالح الماجري ليس خائنا واسألوا محمود عبّاس إن كنتم لا تصدّقون!

نشر في  19 فيفري 2014  (12:23)

خلّف التصريح المثير الذي أدلى به اللاعب الدولي التونسي لكرة السلّة صالح الماجري المحترف بفريق ريال مدريد الإسباني ردود أفعال عديدة ومختلفة، وذلك بعد أن أكد أنه لا يمانع في خوض مباراة ضد ناد إسرائيلي في فلسطين المحتلة. وقد جاء هذا التصريح على أمواج إذاعة «شمس آف أم» بعد تتويج «الرّيال» بكأس ملك اسبانيا لكرة السلة عقب انتصاره في المباراة النهائية على نادي برشلونة بنتيجة 77-76. وأشار الماجري في الحوار ذاته إلى أنه وكمحترف مطالب بالإيفاء بكل إلتزاماته مع فريقه حتى وان تطلّب منه الأمر خوض مباراة ضدّ فريق إسرائيلي. كما كشف أن هناك لاعبا تونسيا يلعب فى فريق إسرائيلي ودعا بالمناسبة إلى ضرورة فصل السياسة عن الرياضة .
هذا الكلام أقام الدنيا ولم يقعدها على صالح الماجري الذي تعرض إلى شتّى أنواع السب والشتم، وقد وصل الأمر بالبعض إلى حد اتّهامه بالخيانة والتّطبيع والإعتراف بالعدوّ الإسرائيلي وغيرها من الإتهامات والإحتجاجات التي ذكّرتنا بالحملة الشرسة التي تعرّضت لها وزيرة السياحة أمال كربول بسبب زيارتها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر مطار بن غريون في إطار بعثة تابعة للأمم المتحدة.
ولئن نتفهّم ردود الفعل الغاضبة من عدد هام من التونسيين الذين كانوا ومازالوا يساندون القضية الفلسطينية، فإن ما لا يمكن قبوله هو التشكيك في وطنية هذا اللاعب ووصفه بالخائن والعميل، بل وتهديده وكم ساءنا أن تصل ردود الفعل حوله إلى هذه الدرجة من العنف اللفظي والتهديد والوعيد.
وكانت بعض الوقائع التي جدّت في إطار بعض المشاركات الرياضية التونسية التي وجد خلالها رياضيونا أنفسهم في مواجهات مع رياضيين إسرائيليين، شغلت الرأي العام ناهيك أن القائمين على الإتحادات الرياضية العالمية واللجنة الأولمبية الدولية دعوا إلى فصل الرياضة عن السياسة، وقد وصل الأمر إلى حد التهديد بفرض عقوبات قاسية على كل رياضي عربي ينسحب أمام منافس إسرائيلي.. ففي سنة 2012 ورغم تحذيرات رئيس اللجنة الأولمبية الدولية «جاك روغ» بمعاقبة أي رياضي ينسحب أمام الرياضيين الإسرائيليين، فقد أبى السباح التونسي تقى مرابط إلا أن يضرب بهذه التهديدات عرض الحائط لينسحب من منافسات 400 متر متنوعة رجالا بعد أن بلغه وجود سباح إسرائيلي في هذه المنافسة. وخلال مباراة الدور النهائي لمونديال كاتانيا (جنوب إيطاليا) للمبارزة رفضت الرياضية التونسية وبطلة إفريقيا عزة بسباس مبارزة منافستها الإسرائيلية «ناعومي ميلس» لتنسحب من نهائي البطولة وتستغني عن الميدالية الذهبية، وقد نزلت بسباس إلى حلبة القتال ووقفت دون حراك ودون حتى أن تستمع لتحذيرات الحكم لتعلن عن مقاطعتها للمباراة ورفضها لأيّ شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل ومن يمثلونها. من جهة أخرى وقبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية التي احتضنتها لندن سنة 2012 بشهر تقريباً، تحدث رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية ليؤكد أن الرياضيين الجزائريين لن ينسحبوا أمام أيّ منافس ولو كان إسرائيلياً، ولكن في اليوم الموالي خرج رياضيان جزائريان ليلوّحا بالإنسحاب في حال أوقعتهما القرعة في مواجهة مع لاعب إسرائيلي.
من جانبه رفض لاعب الجيدو المصري رمضان درويش مصافحة اللاعب الإسرائيلي بعد انتهاء المباراة مؤكداً أنه لو كان بمقدوره الانسحاب من البطولة وعدم خوض هذا اللقاء لكان فعل ولكن الأمر لم يكن بيده، حيث أن الاتحاد الدولي للجيدو كان سيسلط عقوبات على مصر ويمنعها من المشاركة في البطولات القادمة.
وقد اختلفت الآراء والمواقف بخصوص انسحاب الرياضيين العرب عند مواجهتهم للرياضيين الإسرائيليين بين رافض لمثل هذه المواجهات لأنها تعتبر استخفافا بالقضية العربية المركزية واعترافا بالعدو وتطبيعا معه، وبين من يرى عكس ذلك ويعتبر التنافس الرياضي لا يمثّل اعترافا بالكيان الصهيوني ولا يمكن أن يدخل بأي حال في إطار التطبيع أو الإعتراف بالعدو المغتصب للأراضي العربية.
وفي الوقت الذي يرفض فيه شق كبير من العرب مبدأ التباري مع الإسرائيليين ومواجهتهم في أية رياضة، بل هناك من يندّد بزيارة فلسطين وهي ترزح تحت الإحتلال فإنّ موقف السلطة الفلسطينية يبدو مختلفا تماماً في هذه النقطة بالذات، فهي تعتقد -كما جاء على لسان رئيسها محمود عباس- أن زيارة السجين لا تعتبر اعترافا بالسجّان، وأكد في كلمة ألقاها بمناسبة زيارة مجموعة هامة من الرياضيين والإعلاميين العرب إلى الأراضي الفلسطينية على هامش بطولة فلسطين أنه و في الوقت الذي يقول فيه البعض إن زيارة فلسطين حرام، يأتي هؤلاء الرياضيون ليؤكدوا أن هذه الزيارة مقدّسة وضرورية للتضامن مع الشعب الفلسطيني ودعمه معنويا، وأشار الرئيس عباس إلى إن المشاركة في مثل تلك البطولة بحضور إعلاميين رياضيين من أكثر من 16 دولة عربية تدل على تضامن الشعوب العربية مع الشعب الفلسطيني، ودعا بالمناسبة ذاتها الرياضيين والإعلاميين والفنانين العرب إلى زيارة فلسطين وكسر الحصار الذي تفرضه سلطات الإحتلال على الشعب الفلسطيني الأعزل.
بصراحة، حتى وإن أخطأ الماجري في تصريحه خصوصا في هذا التوقيت بالذات فإنّ ذلك لا يبرّر نعته بالخائن أو تهديده بالقتل، فهو لاعب محترف، ملتزم بعقد مع ناديه ورفضه لمواجهة منافس معيّن حتى وإن كان إسرائيليا قد يجعله يخلّ بالتزاماته.. وبالتالي فإنّ المسألة وعلى حساسيتها يجب أن تعالج بعيدا عن التعصب والفكر الظلامي والوعيد والتهديد، بل بالنصيحة والإرشاد ولو أنّ هناك من يؤكد أنّ عدم تباري صالح الماجري أو غيره من الرياضيين التونسيين مع منافسين إسرائليين لن يعيد لنا القدس ولن يكون سببا في إستقلال فلسطين وإستعادة الأراضي المغتصبة..
لذلك الأجدر بنا أن نغيّر التكتيك ونفكّر كيف يمكن الدفاع عن القضية الفلسطينية والضغط على إسرائيل من خلال المجتمع الدولي والمنظمات الأممية و«الفيفا» واللجنة الأولمبية الدولية لإعادة ما إغتصبته وسرقته واحتلته ونهبته..
أمّا صالح الماجري فهو مواطن تونسي يبحث عن لقمة العيش في الرياضة، وذهابه أو عدمه لن يغيّر شيئا في قضيّة عجز عن حلّها الملوك والرؤساء والزّعماء لمدّة عقود من الزمن.

بقلم: عادل بوهلال